تحقيقات

 تموز ينشف الماي بالكوز .. فأين الكهرباء في تموز

 

تحقيق: كوثر الكفيشي

الحرارة في هذه الأيام شديدة تلفح الوجوه بأشعتها وهي ستزداد خلال شهري تموز وآب اللهاب...وهذا يقابله زيادة في إنقطاع التيار الكهربائي وزيادة في سعر الوقود وبالتالي إقبال المواطن العراقي على الوسائل البديلة عن التيار الكهربائي الوطني كاللجوء ليلا إلى سطح المنزل هربا من ارتفاع حرارة داخله هذا في الليل ولكن ماذا عليه أن يفعل في وضح النهار وعند قيلولة الظهر خاصة إذا كان دخله لايسمح بشراء الوقود لمولدة المنزل وهذا بدوره يشكل عامل أساسي من الضغط النفسي والعصبي على المواطن العراقي.

الحرارة وآثارها:

يقول الشاب أوس الزبيدي(32عاما) أعمل موزع للبضائع الغذائية في أسواق الكرادة مما يجعلني عرضة لأشعة الشمس اللاهبة لذا تراني أنتظر بفارغ الصبر موعد إنتهاء العمل للعودة للمنزل والإستمتاع بالقليل من البرودة ولكني أصاب بخيبة أمل كبيرة عندما أعود لأجد لاكهرباء في المنزل وبالنتيجة لاثلج ولاماء بارد و(أبو المولدة) يتحكم بنا على هواه حيث لاقانون يحكمه ولاشريعة تقيده، وهذا الوضع يشكل علي ضغطا نفسيا وعصبيا كبيرا علي وهذا ينعكس على جو الأسرة ككل.

وهنا يقاطعه الشاب محمد الخزرجي (19عاما) وهو طالب في كلية الهندسة فيقول: أما أنا فقد بت قعيد الدار بسبب الغبار الكثيف الذي يملأ سماء بغداد في هذه الأيام وهذا بدوره قد سبب لي التهابات في العين وأصبحت الرؤيا عندي ضعيفة فطلب الطبيب مني عدم الخروج والتعرض للهواء فحدث عن حالتي بلا حرج لاكهرباء ومولدة الشارع لاتزودنا سوى بست ساعات وباقي الوقت نعتمد على مولدة البيت وأنا يتيم وحاليا أدرس ووالدتي تتكفل بكافة المصاريف فبات مصروف المولدة يثقل كاهل أمي الحبيبة.

أين أمانة بغداد:

((تموز ينشف الماء بالكوز))،((أول عشرة من آب تحرك البسمار بالباب)) هذه أمثال اعتدنا تداولها في الصيف لوصفه بشدة الحرارة فكيف حال المواطن العراقي الذي يشكو من الغياب التام للخدمات فيقول: عبد الأمير عبود وهو من منطقة الدوانم المقاطعة 122 في بغداد/الكرخ: منطقتنا تكاد تكون خالية من شمولها من شبكة الصرف الصحي من قبل أمانة بغداد وقبل فترة وجيزة فوجئنا بعدم شمول منطقتنا بخطة التبليط وإكساء الشوارع غير أننا رضينا بكل ذلك ولكن ما هو ذنبنا بأن نعاني من إنقطاع دائم للتيار الكهربائي وغيابه المتواصل عنا منذ أكثر من شهرين فكيف تتصورون حالنا في هذا الصيف خاصة وأن (العجات) تكاد لاتهدأ وإني أحب أن أوجه من على شاشة صفحتكم الإلكترونية نداءا أناشد به الجهات المسؤولة والمجلس البلدي في الكاظمية وحي النور بالإلتفات إلى معاناتنا وإنقاذنا من هذا الوضع المأساوي.

اللجوء إلى:

هنا يطالعنا وجه الشيخ عبد الجبار البياتي(60عاما) وهو يحمل (المهفة) بين يديه فيقول: اعتدت على حمل هذه المهفة من الماضي إلى الحاضر ويبدو بأني سأظل أحملها إلى آخر لحظة في حياتي، غير أني كنت في الماضي قادرا على تحمل عدم وجود الكهرباء أما اليوم فباتت الطاقة عصب الحياة والمصدر الأٍساسي لكل حركة في هذا العالم ...هنا يضحك ضحكة قصيرة وهو ينظر إلي وإلى (المهفة) التي بين يديه ويقول: نحن كنا نمسك (المهفة) لنروح به عن أنفسناعندما كانت الكهرباء غير موجودة أما شباب اليوم ليسوا مثلنا فإنهم يلجأون إلى التدخين فإنك عندما تسأل أحدهم لماذا يا بني تدخن فسيجيب:(بابا هو شكويفرح أكو ماي، كهرباء، مجاري، دخلونه ندخن عاد) فبات عدم وجود الخدمات الشماعة التي يلقي عليها الشباب إخفاقاتهم اليومية الصعبة والبسيطة منها.

المواطن شريك الإنقطاع:

(العشرة آمبير هو الحل) هذا ما صرح به رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في آخر تصريح له وبالفعل فقد بدأ تطبيق هذا في مناطق من بغداد مثل الحرية وحي أور والشرطة الثالثة والرابعة و... ولكن ما يفاجئنا هنا قول السيد أبو سراج (40عاما) فقد حدثنا ووجهه تعلوه ابتسامة ملؤها المرارة والتعجب: نحن في حي أور لقد شملنا بقرار العشرة آمبير وبعدما أن أكمل العمال تركيب (الجوزات) ورحلوا هل تعلمون ماذا فعل الأهالي؟ بمجرد رحيل عمال الكهرباء قاموا بفصل الجوزات وأعادوا الكهرباء إلى ما كانت عليه فهل يوجه اللوم على الدولة وحدها أم المواطن هو الشريك الثاني في أزمة الإنقطاع.

أما الحاج أبو حيدر (54عاما) فيوجه اللوم وبكل صراحة على سوء تصرف المواطن من خلال تبذيره في صرف الكهرباء فيقول: المنزل العراقي بات مليئا بالأدوات الكهربائية الحديثة بالإضافة إلى وجود المكيفات الهوائية (السبلت) الكبيرة والصغيرة وعند مجيء الكهرباء فكل هذه الأجهزة تعمل دفعة واحدة ومقابل هذه الزيادة في هذه الأجهزة الكهربائية نلاحظ بأن الأعمدة والأسلاك الكهربائية باتت كما هي منذ زمن النظام البائد والدولة فتية، حديثة، والمخربون من كل جانب فإن لم نساعد نحن أبناء العراق الدولة على البناء فمن سيساهم في بناء العراق يا ترى؟ هذا الحوار يذكرني بحادثة روتها لي السيدة فوزية حسين (55عاما) القاطنة في حي البساتين التابع لسبع أبكار تقول: استيقظت ذات يوم بعد نهار وليل لم أنعم فيه بلحظة واحدة من الكهرباء استيقظت وكلي أمل عسى ولعله أحصل على لحظة من لمسات الحضارة ولكن هيهات ومر على هذا الوضع اسبوع ونيف وخلال هذه الفترة عانينا الأمرين ولكن ما جعلني اتألم أكثر هو معرفتي سبب الإنقطاع هذا هل تتوقعون ما هو؟ السبب هو أن أحد أصحاب البيوت المتجاوزة (الحواسم) اعتاز عدة أمتار من (الكيبل) فقام بقطع أسلاك الكهرباء العامة وحرم حي كامل ولمدة طويلة من الكهرباء فبرأيكم ألا يحز هذا قلب أي مواطن عراقي شريف؟ وهل سنجعل الدولة الطرف الملوم الوحيد في هذا الجانب أم المواطن هو الشريك الآخر؟

إقتراح:

في الختام أحب أن أوجه إقتراحا قد وصلني من عدد من المواطنين هذا من جهة ومن خلال تجربتي الشخصية التي شاهدتها في لبنان من جهة ثانية، وهو لماذا هذا الجمود من الدولة في مجال تحسين هذا العصب الحياتي المهم، خاصة وأن الكهرباء بات روح الحياة وجوهرها هذا عالميا أما على الصعيد المحلي وطبيعة العراق الحاروالمترب، لماذا لانطبق التجربة اللبنانية على أرض الواقع وذلك من خلال تزويد أحياء المدن بمولدات كبيرة (خرساء) تمد المواطن بطاقة كهربائية كافية على مدار اليوم لجعله يعيش حياة كريمة وتفرض مقابل ذلك الأجور ومن خلال هذه الأجور يتم شراء الوقود مقابل جعل الوقود بسعر مخفض للمولدات وتكون تلك الأجور بدلا عن ما يدفعه المواطن حاليا لأصحاب المولدات الحالية التي تتراوح أسعار الآمبير الواحد من مكان إلى مكان وتصل في بعض مناطق بغداد إلى 18 ألف دينار وتكون تلك المولدات تابعة لرقابة الدولة مباشرة، اما من الناحية الأمنية فيلقى على المواطن مسؤولية حماية هذه المولدات وفي حال تعرض أي واحدة منها لأي عمل تخريبي سيكون المواطن هو المسؤول والخاسر الأول والأخير، وهذا سينمي الشعور الأمني والوطني في آن واحد لدى المواطن العراقي الصغير منهم قبل الكبير فبذلك يشارك الكل في هذا الجانب الحياتي المهم من بلدنا الحبيب. 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com