يقتلون .. ونستنكر

 

مازال الدم العراقي يراق على قارعة الطريق بمباركة صمت دولي وتضليل اعلامي، ولامبالاة لكثير من الناس والقوى والجماعات.

واخيرا مجزرة اطفال بغداد الجديدة، عندما تناثرت الطفولة البريئة تنزف دمها لتروي للتاريخ ابشع رواية يمكن ان تحكيها شهرزاد لشهريار ذات ليلة مقمرة ... ففي الوقت الذي يتباهى صغار العالم بألعابهم ومدارسهم وكمبيوتراتهم الشخصية ومراكز الالعاب واللهو وصيفهم الممتع، يحتار الطفل العراقي بحرارة تموز وبالمولدة الفاقدة للبنزين كيما تعمل، ويحتار بلقمة العيش فيعمل صيفا ليؤمن مصاريف مدرسته، ويحتار بامانيه اين يدفنها، في قلبه الصغير المتعب، أم تحت وسادته المقهورة بثقل الاماني والاحلام؟ واحيانا تولد امانيه الطفولية البسيطة ثورة في اسرته، ثورة في قلب الوالدين اللذين يحتارا كيف يفهما هذا الصغير انهما عاجزان عن توفير ابسط امانيه...

ويحتار الصغير كيف يفهم والديه ان مطالبه بسيطة ابسط ما يمكن ان يحلم به طفل على وجه الارض... ويحتار والداه كيف يفهمان هما ايضا ان مطالبه بسيطة جدا.

وفي نهاية المطاف، يحتار الزمن بهم جميعا، يحتار بالطفل العراقي وبوالديه وبكثرة الاماني، فيرسل للجميع دابة مفخخة تضع حدا لهذه الحيرة التي لا معنى لها.

نعم ... يقتل طفلنا العراقي باسهل ما يكون، ويقتلون فيه كل الاماني... فمن بقي منهم يقف امام الكاميرا ويقول بعفوية وصدق: (لقد مات جميع اصدقائي، لا اصدقاء لي بعد اليوم)... فهذا الصغير سيحتار بوحدته فلا اصدقاء له بعد اليوم... وستضاف الى قائمة امانيه، امنية اخرى احتار الزمن كيف يأخذها منه!

يحتار الاخرون كيف يقتلوننا... ولا نجيد غير لغة الاستنكار ... الاستنكار هو الشيء الوحيد الذي لا نحتار عندما نصيغ كلماته.

 

علياء الأنصاري

مديرة الموقع

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com