حقوق الانسان بين الموروث والشعار

 

ذلك ما ألفينا عليه آبائنا، عبارة ترددها الجماهير بوجه المصلحين دوما... وتلك معاناة الانبياء والمصلحين على مر العصور.

الالفة بما كان عليه الآباء، ثقافة تجذرت في ارضنامنذ زمن وألفينا ذلك التجذر ونأبى ان نألف غيرها، الى حد اننا أللهنا هذه الالفة وجعلناها دينا وشرعا.

ولانها امست دينا، تعقدت قضية دراستها وتحليلها ومناقشتها، وكلما مر علينا الزمن... تعمقت الفاصلة ما بين دعوة الانبياء (الدين الحق) و(الدين الالفة) ... وظهرت التناقضات والازدواجية في الشخصية، وكثرت الفرق والطوائف، وتضاربت الاراء والمذاهب. وكل يتصور ليصدق تصويره فيما بعد الى عمل وسلوك، ان دينه هو الحق.

ومن ثم ألقت بظلالها على كل مناحي الحياة لتصل الى اروقة كتابة الدستور، العملية الحياتية لبناء مستقبل شعب.

فالجدل الدائر الان (ولا احبذاطلاق غير هذه الكلمة)، يتمحور حول هل نكتب دستورا دينيا لاقامة دولة دينية؟ ام نجعل الدين قضية شخصية متعلقة بالافراد انفسهم ولا علاقة له بالدولة والدستور؟ وفيما اذا كان الدين يكفل الحقوق او لا يكفلها ومالى ذلك من جدليات اخذت الكثير من وقت وطاقات وجهود الجميع.

لنسأل انفسنا ما هو الدين؟

لو نقرأ كل الاديان السماوية وندرس تاريخ كل الانبياء من اولهم آدم الى خاتمهم محمد عليهم جميعا افضل الصلوات والسلام، لوجدنا ان الدين هو (السلام): ان يبني الانسان علاقته مع ربه ونفسه والمجتمع على اساس السلام فتأمن نفسه ويأمن الاخرون من كل ضرر وشر.

الدين هو(المعاملة): كل الانبياء جاءوا لينظموا علاقة الانسان مع نفسه والاخرين في دائرة من العلاقات الانسانية والقيم المعرفية التي تكفل حقه في الحياة الكريمة وتكفل ايضا حقوق الاخرين.

الدين هو (الحب): ان تحب الله فلا تقدر على زعله، تحبه فتسعى الى رضاه ووصاله...

ان تحب نفسك، فتسعى الى تعليمها وتزكيتها وتنميتها وتطويرها والارتقاء بها الى مدارج العلم والكمال والمعرفة... تسعى الى ايجاد الارضية المناسبة لنمو هذه النفس من خلال الدولة المناسبة والمجتمع المناسب والزمن المناسب والمكان المناسب ... ان تكفل لها احترامها وحريتها وكرامتها.

واخيرا تحب لاخيك ما تحب لنفسك ... وهو ارقى انواع الحب. لان هذا الحب هو الضمان الارقى لحقوق الانسان، هذا الحب يجعل الانسان لا يتعدى على حقوق الغير كما يضمن ان لا يتعدى احد على حقوقه.

فاذا كان كتاب الدستور وساسة البلاد يريدون دولة دينية، فليكن هذا الدين ... دين الحب والسلام والمعاملة، دون ايه مسميات اخرى.

واذا اراد القانونيون سن قوانين تستند على الدين فليكن هذا الدين ... دين الحب والسلام والمعاملة.

فيا كتاب الدستور ورجالات السياسة وفقهاء القانون... نريد دستورا يكفل لنا حقوقنا ويكفل لنا الحياة الكريمة بكل ابعادها وزواياها والوانها واشكالها، لكل شرائح العراق وطوائفه واجناسه وانواعه، ولا يهمنا - كعراقيون - نظام المحاصصة وثقافة المصطلحات وما ألفينا عليه آبائنا...

نريد ان نحيي فكفانا موت.

نريد حياة عزيزة كريمة مضمونة فيها الحقوق كواقع عملي وليس شعارات وعبارات منمقة.

لان التجربة قد علمتنا ان الصوت الذي ندلي به له ثمن ... وثمن صوتنا باهض وباهض جدا لن نقدمه بسهولة ولن نتنازل عنه بسهولة.

سجل انا عراقي.

 

علياء الأنصاري

مديرة الموقع

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com